اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 441
مسعود «لآيات» على الجمع، وقوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، توقيف والمعنى، لآيات نافعة هادية إن آمنتم وأبصرتم وإلا فليست بنافعة ولا هادية، فأما كونها آيات فعلى كل حال آمنوا أو كفروا، هذا كله على أن المخاطبة لمن لم يؤمن- بعد- وهو ظاهر حاله مع بني إسرائيل، وإن كان خطابه لمؤمنين، أو كما كانوا مؤمنين بموسى، فمعنى الآية التشبيت وهز النفس كما تقول لإنسان تقيم نفسه إلى شيء: ما أنت يا فلان يلزمك أن تفعل كذا وكذا إن كنت من الرجال.
قوله تعالى:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 50 الى 51]
وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)
قوله: مُصَدِّقاً حال معطوفة على قوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ [آل عمران: 49] ، لأن قوله بِآيَةٍ في موضع الحال، وكان عيسى عليه السلام مصدقا للتوراة متبعا عاملا بما فيها، قال وهب بن منبه: كان يسبت ويستقبل بيت المقدس، وقال قتادة في تفسير قوله: وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، كان الذي جاء به عيسى ألين من الذي جاء به موسى، وقال ابن جريج، أحل لكم لحوم الإبل والشحوم، قال الربيع: وأشياء من السمك، وما لا صيصية له من الطير، وكان في التوراة محرمات تركها شرع عيسى على حالها، فلفظة «البعض» على هذا متمكنة، وقال أبو عبيدة: «البعض» في هذه الآية بمعنى الكل، وخطأه الناس في هذه المقالة وأنشد أبو عبيدة شاهدا على قوله بيت لبيد: [الكامل]
ترّاك أمكنة إذا لم يرضها ... أو يخترم بعض النفوس حمامها
وليست في البيت له حجة لأن لبيدا أراد نفسه فهو تبعيض صحيح، وذهب بعض المفسرين إلى أن قوله تعالى: حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إشارة إلى ما حرمه الأحبار بعد موسى وشرعوه، فكأن عيسى رد أحكام التوراة إلى حقائقها التي نزلت من عند الله تعالى، وقال عكرمة: «حرم عليكم» بفتح الحاء والراء المشددة، وإسناد الفعل إلى الله تعالى أو إلى موسى عليه السلام، وقرأ الجمهور وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ وفي مصحف عبد الله بن مسعود، «وجئتكم بآيات» من ربكم، وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ تحذير ودعاء إلى الله تعالى.
وقرأ جمهور الناس إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ بكسر الألف على استئناف الخبر، وقرأه قوم «أن الله ربي وربكم» بفتح الألف قال الطبري: «إن» بدل من «آية» ، في قوله جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ، وفي هذا ضعف وإنما التقدير أطيعون، لأن الله ربي وربكم، أو يكون المعنى، لأن الله ربي وربكم فاعبدوه، وقوله هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ إشارة إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ، وهو لأن ألفاظه جمعت الإيمان والطاعات، والصراط، الطريق، والمستقيم، الذي لا اعوجاج فيه.
قوله تعالى:
اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 441